الجمعة، 25 يناير 2019

لمهارات الأكثر أهمية في السباق بين التكنولوجيا والتعليم








الأتمتة، والروبوتات، والذكاء الاصطناعي (AI) سوف تحل جميع مشاكلنا أو تنهي الجنس البشري! هذا هما الخياران اللذان نسمعها من الكثير. في وقت ما في المستقبل القريب، يُتوقع أن نصل إلى مرحلة يتفوق فيها ذكاء الآلة على الذكاء البشري، وهي نقطة معروفة باسم "التفرد singularity". سواء كان صعود الآلات تهديداًوجودياً للجنس البشري أم لا، أعتقد أن هناك مشكلة أكثر أهمية وهي أن الروبوتات تستخدم حالياً لأتمتة الإنتاج.
يجادل الاقتصادي ريتشارد فريمان بأن الروبوتات يمكن أن تكون بديلاً للعمال وأن تحل محلهم، حتى المهنيين ذوي المهارات العالية منهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن أساتذة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT ايريك برينجولفسون Erik Brynjolfsson و اندرو ماكافي Andrew McAfee يقترحون أنه كلما زادت كفاءة أجهزة الكمبيوتر، فإنه سيصبح للشركات حاجة أقل لبعض أنواع العمال. ما من شأنه أن يؤثر أكثر على البلدان النامية التي تعتمد على العمالة بشكل كبير.

فجوة كبيرة في المهارات

يعمل التغير السريع في التكنولوجيا على تغيير المهارات وأماكن العمل المطلوبة، مما يجعل العمال الحاليين أقل قابلية للتوظيف. وفي الوقت نفسه، فإن أنظمة التعليم بطيئة في التغيير من حيث خلق مهارات جديدة للمتعلمين. ومع تزايد الطلب على مهارات جديدة، فإن التحدي سيكون هو توقع ما يمكن أن تكون عليه هذه المهارات. بالنسبة للبعض، فإن الإجابة هي مهارات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) والبرمجة ليتمكن الناس من تطوير التكنولوجيا أو التعامل معها.
النهج البديل هو التفكير في نوع العمل الذي لا تستطيع التكنولوجيا استبداله، حيث يحتاج عمال المستقبل إلى جعل أنفسهم "محصنين" من الأتمتة قدر الإمكان. أعتقد أن هذا لا يعني أن المهارات الأساسية لا تهم، بالعكس هي مهمة ولها عائدات عالية خاصة تلك المهارات غير الروتينية. هذه المهارات هي:
  • مهارات حل المشكلات للتفكير النقدي والتحليلي 
  • مهارات التعلم لاكتساب معرفة جديدة 
  • مهارات الاتصال، بما في ذلك القراءة والكتابة 
  • المهارات الشخصية للإدارة الذاتية، وإصدار أحكام سليمة وإدارة المخاطر 
  • المهارات الاجتماعية كالتعاون، والعمل الجماعي، والإدارة، والقيادة، وحل النزاعات 

إعداد الطلاب لعالم العمل المستقبلي

الأتمتة قد تكون قتلاً للمهارات أو إيجاداً لمهارات جديدة. بالنسبة للعديد من البلدان النامية، تظل رعاية المهارات الأساسية هي الأولوية الأكثر إلحاحاً. الطلاقة في القراءة في وقت مبكر أمر بالغ الأهمية، حيث في العالم الرقمي الحديث يعتبر التعلم المستدام مفتاح النجاح، والقراءة هي الخطوة الأكثر أهمية في التعلم. بالإضافة إلى ذلك، من غير المحتمل أن تأتي المهارات المطلوبة للنجاح من المصادر المعتادة. تركز أكثر النماذج الواعدة في مجال التعليم والتدريب -التي يمكن أن توفر المهارات الأساسية والجديدة- على عناصر أنظمة التعليم الفعالة؛ تلك الأنظمة التي تقوم بإعداد الأطفال بشكل جيد في وقت مبكر، وتدعم الإصلاح بشكل مستمر، وتستخدم المعلومات للتحسين والمساءلة. 

من المكونات الهامة للإصلاح المنشود:

  • التقييم: يعتبر القياس حجر الزاوية في تخطيط التعليم والإصلاح بهدف تحسين الجودة. إن الدول التي لا تستطيع تحديد موقع نظامها التعليمي الحالي، ستجد صعوبة في إجراء تحسينات أو تحقيق أهدافها. 
  • الاستقلالية: إن دعم المدارس سيؤدي إلى تحسين الأداء وزيادة الجودة. والدعم يكون بأكثر من شكل، مثل منحهم الموارد اللازمة والسماع لهم ولاحتياجاتهم في شتى المجالات. 
  • المساءلة: تزيد عملية المساءلة من إنجاز المهام وترفع من المستوى الأكاديمي. يستلزم النظام القائم على المساءلة عادة نقل سلطة اتخاذ القرار من الحكومة إلى المجتمع، وهو ما يمثله مجالس إدارة المدارس ويتكامل مع المعلمين وأولياء الأمور وأعضاء المجتمع الآخرين. 
  • الاهتمام بالمعلمين: تظهر الدراسات في جميع أنحاء العالم أن المعلم الجيد (ونقصد بالجيد هنا الذي يضيف قيمة لعملية التعلم) يمكن أن يكون فعالاً في مساعدة الطلاب على تحسين نتائج التعلم الخاصة بهم. تقوم الأنظمة المدرسية عالية الأداء بتوظيف معلميها من الثلث الأعلى من كل مجموعة من الطلاب الذين يتخرجون من الدراسات العليا. 
  • الانتباه إلى تنمية الطفولة المبكرة ويشار لها اختصاراً باللغة الانجليزية ECD وتعني early childhood development. قد تكون هذه البرامج هي الاستثمار الأكثر فعالية من حيث قلة التكلفة. تؤكد الدراسات والأبحاث التجريبية أن تنمية الطفل في مرحلة مبكرة من العمر تزيد من احتمالية النجاح في مجال التعليم وإنتاجية البالغين في المستقبل، وتخفض من الإنفاق العام في وقت لاحق. 
  • الاهتمام بالثقافة: الثقافة مهمة وغالباً ما تُهمل. إن استخدام اللغة الأم كلغة للتعليم هو مجال ثقافي متنازع عليه في كثير من البلدان في كثير من الأحيان. في العديد من البلدان، لا يتكلم عدد كبير من الطلاب اللغة الوطنية في المنزل، والتي لها آثار عملية على التعليم. إن المدارس التي تستخدم اللغة الأم كلغة تعليم لها معدلات حضور أعلى للطلبة، وانخفاض في معدلات الرسوب والتسرب المدرسي. 
لتحسين نتائج التعلم وإعداد الطلاب لعالم العمل، يجب على الدول تطوير نظام لتحديد مستويات التعلم الحالية وأهداف التعلم المستقبلية. يحتاج صانعو السياسات إلى النظر في كل جانب من جوانب نظام التعليم في تحديد الإصلاح المناسب الذي سيوفر نهجاً شاملاً لتحسين نتائج التعليم. إذا حدث هذا، فلن يهم كثيراً وقتها ما إذا كانت الروبوتات قادمة أم لا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نصائح للدراسة مدعّمة علمياً

ندما نفكر في "الدراسة" أو "المذاكرة"، من المحتمل أن تكون لدينا صور راسخة في ذهننا حول: ساعات طويلة لا نهاية ل...